الشعب الفلسطيني من التغريبة إلى القيامة

تاريخ النشر: 2022-05-31
بقلم المستشار/ أسامة سعيد سعد
عاش الشعب الفلسطيني منذ العام 1917 تحت نير الاحتلال البريطاني الذي كان اهم اهدافه إقامة وطن لليهود في فلسطين عملاً بوعد بلفور الصادر عام 1911، ومنذ ذلك التاريخ والشعب الفلسطيني يقاوم ويتحدى ويستبسل في الدفاع عن أرضه ولم يغفل عن المآل المظلم الذي تسعى سلطات الانتداب البريطاني إيصال الشعب الفلسطيني إليه وتبدى ذلك من خلال عدة شواهد كان أبرزها تسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين وهذا ما ادى إلى ثورة الشعب الفلسطيني أكثر من مرة ضد سلطات الإنتداب البريطاني ابتداءً بثورة النبي موسى في نيسان 1920 مروراً بثورة يافاً آيار 1921 وثورة البراق أغسطس 1929 وثورة الكف الأخضر 1930، وانتفاضة أكتوبر 1933، وحركة الشهيد عز الدين القسام 1935 – 1940 والثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939، مما يعني انه لم تكد تمر سنة من سني الإنتداب البريطاني إلا وكان هناك عمل ثوري ضد هذا الإنتداب الأمر الذي يدل على مدى رفض الشعب الفلسطيني التام للإنتداب ومخططاته وكذلك الوعى الكبير الذي تمتع به الشعب الفلسطيني خلال تلك الفترة، إلا أن كل هذا العمل الثوري المقاوم لم يثن سلطات الإنتداب عن المضى قدماً في مخططاتها الرامية لإقامة وطن قومى لليهود في فلسطين وساعدها في ذلك الخيانة العربية التي بدأت فصولها الأولى مع تحالف بعض الأنظمة والشخصيات العربية مع الإنجليز ضد الدولة العثمانية ( دولة الخلافة) وامتدت هذه الخيانة لتمرير المخطط البريطاني في فلسطين حتى كان ما كان ووقعت فلسطين ضحية هذه الخيانة القذرة وهجر الشعب الفلسطيني من أرضه في أبشع صورة تهجير قصرى عرفها تاريخ البشرية الحديثة على مرأى ومسمع من الأنظمة العربية التي ساهمت من خلال تحالفها مع بريطانيا في تشريده وامتدت خيانتها في الخفاء وقبل أن تظهر للعلن في علاقاتها المحرمة مع العدو الصهيوني منذ بداية نشأته ورغم مرارة التشرد وقسوة المحتل مارس الشعب الفلسطيني حقه وواجبه في مقاومة العدو وثار مرة أخرى ضد المغتصب الجديد فكانت الثورة الفلسطينية المسلحة التي انطلقت 1965 ثم انتفاضة الحجارة 1987 والانتفاضة الثانية 2000 قدم فيها شعبنا آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى وما زال متمسكاً بعهد أسلافه باسترجاع الأرض وطرد الغزاة... ورغم كارثة أوسلو التي أرادوها مقبرة للتاريخ الكفاحي الفلسطيني إلا أنها كانت بداية القيامة المجيدة لشعبنا لتتكاثف قواه الحية وتجترح معجزة العمل المقاوم الذي حقق ولأول مرة في تاريخ الصراع توازن الرعب بين الاحتلال والشعب المقاوم وبعد أن كانت اليد الطولي للاحتلال تضرب في كل مكان غير آبهة بقانون دولي أو أي قيم إنسانية وفي عنفوان غطرسة القوة التي أثقلت رأس العدو كانت قيامة المقاومة لتضع كيان العدو كله في حزام نار تشعله المقاومة متى أرادت وكيفما أرادت. وبإعجاز شعبي سيذكره كتاب التاريخ اصبحت صواريخ المقاومة تهدد عاصمة العدو التي ما تجرأت قيادة عربية في يوم ما على المساس بها خوفا جزعا من بطش العدو ... ولكنها إرادة الشعب وعبقرية المقاومة التي جعلت من جيش وجبروت العدو أضحوكة وحققت مقولة ( انه اوهن من بيت العنكبوت) وبعد أن صال هذا العدو وجال في أرض العرب قتلا وتدميرا .. ها هو يحسب الف الف حساب لكل حركة تصدر عنه خوفا من تفسر خطأ فيناله من عقاب المقاومة ما يعجز عن تحمله ... انها معجزة النضال الفلسطيني الذي تجلت قدرته في مواجهة عدوه فاستصغره وحقره واعاد املا مفقودا بأن فلسطين على مرأي البصر تنتظر في حلتها الجديدة يوما قريبا تزف فيها الى أبطالها القادمون من خلف التلال محررين في صبح فلسطيني مجيد هو أقرب مما يتصورون.